واجهت الدولة الموحدية العديد من التحديات والأزمات التي كانت الأسباب الرئيسية في سقوطها. شملت هذه التحديات المجال الواسع للدولة، الثورات المتكررة، والأزمات الداخلية. منذ هزيمة معركة العقاب وحتى سقوط الدولة على يد المرينيين عام 1269م، تظافرت عوامل الفشل على سياسة الموحدين. فما هي الأسباب التي أدت إلى انهيار وسقوط الدولة الموحدية؟ سنستعرض في هذا المقال أهم الأسباب المدعومة بالتواريخ والمعلومات الدقيقة.
شساعة المجال أمام حجم العصبية الموحدية :
أحد أبرز أسباب سقوط الدولة الموحدية كان شساعة مساحتها. كما أن سياسة العنف التي انتهجتها الدولة ضد السكان المحليين أدت إلى العديد من الثورات. وتضاريس المغرب القاسية واتساع مساحة الدولة جعل من الصعب التحكم فيها أمنيًا. كانت الأقطار البعيدة مثل إفريقية والأندلس مصدرًا دائمًا للثورات التي استنزفت طاقة الدولة.
مقاومة الميورقيين
ثورات بني غانية كانت من بين أسباب سقوط دولة الموحدين. بعد سقوط دولة المرابطين، حاول بنو غانية إعادة نفوذ المرابطين. في عهد المنصور، تمكن علي بن إسحق بن غانية من الاستيلاء على بجاية عام 1185م ثم الجزائر ومليانة. استمرت ثورات بني غانية لخمسة عقود، واستنزفت الموارد البشرية والاقتصادية للدولة.
تخلي المأمون عن المذهب التومرتي
في عهد المأمون، تم التخلي عن المذهب التومرتي مما أدى إلى ضعف الدولة. أمر المأمون بقتل نحو مئة شخص من أشياخ الموحدين، وألغى ذكر المهدي ابن تومرت من الخطبة، مما أثر سلبًا على الأسس الفكرية والروحية للدولة. هذا الأمر أدى إلى انفصال إفريقيا وتلمسان عن مملكته، مما أسهم في سقوط الدولة.
تقسيم الإمبراطورية و ظهور الحفصيين
إلغاء المذهب التومرتي ساهم في ظهور الحفصيين الذين استبدوا بإفريقية وأقاموا دولة مستقلة. بني عبد الواد الزناتيين استبدوا بتلمسان. محاولات الموحدين لاسترجاع تلمسان باءت بالفشل، مما أضعفهم أكثر.
أزمة تدبير الأندلس
وجد الموحدون صعوبة في تدبير الأندلس. ثورات الأندلس استنزفت جزءًا كبيرًا من جيوشهم. بعد معركة العقاب عام 1212م، بدأت ملامح الضعف تظهر على الخلافة الموحدية. ثار ابن هود في شرقي الأندلس واستولى على إشبيلية. في الجنوب، تمكن ابن الأحمر من اتخاذ غرناطة مقراً له، مما أدى إلى تراجع نفوذ الموحدين.
مقاومة الموحدين وسقوطهم على يد المرينيين
استغل المرينيون ضعف الدولة الموحدية بعد معركة العقاب، وبدأوا في التوغل في الأراضي المغربية والسيطرة عليها تدريجياً. تمكن المرينيون من دحر جيوش الموحدين عدة مرات، وفي النهاية استولوا على مراكش عام 1269م، مما أدى إلى سقوط الدولة الموحدية.
واجهت الدولة الموحدية العديد من الأزمات والتحديات التي تضافرت لتؤدي إلى سقوطها. من بين هذه العوامل، اتساع رقعة الدولة وصعوبة إدارتها، الثورات المستمرة، التخلي عن المذهب التومرتي، وأزمة تدبير الأندلس. في النهاية، استغل المرينيون ضعف الدولة الموحدية وتمكنوا من إسقاطها والسيطرة على المغرب.
المصادر:
- كتاب أبي العباس أحمد بن محمد بن عذاري - البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب، المجلد الثالث، الطبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، تونس، 2013.
- إبراهيم حركات - المغرب عبر التاريخ، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1993.
- أحمد عزاوي - مختصر في تاريخ الغرب الإسلامي، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، الرباط، 2.