من أهم محطات تاريخ سويسرا الإصلاح الديني في القرن 16 الذي تزعمه هولدريخ زوينكلي Ulrich Zwingli و الذي ظهر بزيوريخ سويسرا. ازداد زوينكلي سنة 1484 ودرس ببال و مدينة بيرن بسويسرا وفيينا. ثم التحق بسلك الرهبان سنة 1506. وخلال رحلته إلى ايطاليا تأثر ببعض المفكرين الإنسيين كايرازم. وكان من المعجبين بأفلاطون. وعاد إلى زوریخ سنة 1518 ليعمل كداعية. وهناك بدا بإصدار مجموعة من الكتب كمؤلف "العدالة الإلهية "سنة 1522، وكتاب" سبع وستون قضية" في السنة الموالية.
وضعية سويسرا السياسية
كانت سويسرا في القرون الوسطى جزءا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة. ولم تكن لتفرق عن أجزاء المانيا الجنوبية. ولكن حدث أن أتحدت الولايات الثلاثة المحيطة ببحيرة لوسرن في القرن الثالث عشر الميلادي، لتحفظ حرياتها من هجمات آل هېسېرك المجاورين لها، فكان هذا الإتحاد السويسري الحديث. ولم يمض زمن طويل حتي انضمت إلى العصبة ولاية لوسرن وزوریخ و مدينة بيرن. ثم اخذ السويسريون يجاهدون للمحافظة على استقلالهم وصد هجمات آل هيسبرك الطامعة بالاستيلاء عليهم، وعلى مر السنين التحقت الولايات المجاورة بالاتحاد السويسري وضمت إليه بعض الأراضي الواقعة على سفوح جبال الألب في سويسرا ثم اخذت الروابط التي كانت تربط مختلف الولايات بالإمبراطورية تقطع إلى أن أصبحت سويسرا مستقلة عملية عام 1499م، وتحررت من سيطرة الإمبراطور، ورغم أن الاتحاد الأول كان بين شعوب تتكلم اللغة الألمانية، إلا أن الأمر اختلف عندما ضمت إليه فيما بعد ولایات كبرى من المتكلمين بالفرنسية والإيطالية ولذلك فان السويسريين لم يكونوا أمة متضامنة ذات شخصية واضحة وثقافة متحدة، وهو ما جعل الاتحاد السويسري مفككا ضعيف الترابط قليل الانتظام مدة قرون.
الإصلاح الزوينكلي
ظل استقلال سويسرا شكليا، - اذ كان على السويسريين ان يقوموا بتموين الجيوش الألمانية والبابوية بالمرتزقة ورفع المال للحصول على صكوك الغفران، مما كان يستنزف خزينة الدولة. وهنا قام زوينكلي - الذي ميزت إصلاحاته زوينكلي إلى جانب طابعها الديني بطابع قومي ووطني - في وجه الانحرافات والبدع فحارب عملية بيع صكوك الغفران ودعى إلى عدم الالتحاق بالجيوش الأجنبية لما في ذلك من مس بالتنمية السويسرية، وانتهى به الأمر إلى إعلان انفصاله عن الكنيسة البابوية سنة 1525. وما كاد العقد الثاني من القرن 16 ينتهي حتى كانت ست مقاطعات من الخمسة عشر التي يكونها الاتحاد قد اخدت بمذهبه.
وعلى غرار لوثر دعا زوينغلي إلى السماح لرجال الدين بالزواج، إلا أنه عارض فكرة ضرورة إخضاع الكنيسة لسلطة الدولة، ورای آن المسيحيين أن يؤسسوا هيئة للإشراف على الكنيسة والقضايا الدينية. كما طالب باستعمال لعنف لنشر أفكاره ادا دعت الضرورة إلى ذلك. إلا أنه ذهب ضحية لهدا العنف وقتل سنة 1531 . واتفق أتباعه بعد دلك مع الكاثوليك لترك كل مقاطعة تختار المذهب الذي تريد.
تاريخ عصر النهضة الاوربية - د. نورالدين حاطوم