نجد الرحالة الذين كتبوا عن تاريخ شمال افريقيا و الليبيين "الأمازيغ" إلى جانب كتابات المؤرخين والفلاسفة والموسوعيين الإغريق واللاتين يمكن أيضا اعتمادهم ،لأن معاينة الرحالة ساهمت في اكتشاف عوالم جديدة، بالرغم من كون الأهداف متباينة: سياسية /اقتصادية /اجتماعية...وبذلك تعد تقارير الرحلات مصدرا هاما من مصادر البحث في التاريخ القديم لمختلف الشعوب والأمم ،ومن ذلك سكان شمال تفريقيا الذي كان مجالا مستهدفا من الكثير من الرحالة والقادة العسكريين الذين تنقلوا بين شواطئه وبالأساس ما وراء الأعمدة أي الساحل الأطلسي بشكل خاص،وخلفوا لنا معطيات قيمة عن جغرافيته وساكنته،ونخص بالذكر الأسماء التالية:
- الرحالة هيرودوت (القرن 5 ق.م):
طواف هيرودوت للعوالم القديم وتنقله بين كبريات العواصم جعلت الباحثين المعاصرين يدرجون اسمه ضمن قائمة أقدم الرحالة.أشار كذلك لرحلة البحارة الفينيقيين الذين أوكل لهم الفرعون المصري نكاو (نخاو) الثاني (610 – 594 ق.م) استكشاف قارة ليبيا بالإبحار من البحر الأحمر والعودة لمصر عبر مضيق الأعمدة (جبل طارق).دامت الرحلة ثلاث سنوات و اعتقد هيرودوت أن البحارة أخطئوا عندما رأوا الشمس على يمينهم ، وهذا المعطى أعطى للرحلة مصداقية ،واعتبر أصحابها أقدم من قام بدورة كاملة حول القارة الإفريقية .
- الرحالة حانون (القرن 5 ق.م):
هو الملك والقائد القرطاجي حانون ،فوض له الشعب القرطاجي إنشاء مستعمرات وراء الأعمدة .وقد أثارت رحلته العديد من الجدال .
- الرحالة سطاسبيس (القرن 5 ق.م):
يشير المؤرخ الإغريقي هيرودوت وحده لهذا الرحالة الفارسي الذي أمره الإمبراطور الفارسي كزركسيس بتنفيذ رحلة إجبارية للمجال وراء الأعمدة عقابا له.استعان الرحالة ببحارة مصريين ،وأبحر وراء الأعمدة ،ولم يتوغل كثيرا بسبب ظروف الإبحار الصعبة وقفل راجعا لبلاده ،ولم يصدق الإمبراطور أقواله،فأمر بقتله،وروى عبده الذي فر لمدينة صاموص الإغريقية تفاصيل الرحلة وذكر مآل سيده.
- الرحالة سيلاكس المزعوم (القرن 4 ق.م):
هو الرحالة الإغريقي، من أعلام القرن الرابع قبل الميلاد (هذا كل ما يعرف عنه) .أمدنا بمعلومات قيمة عن المواقع الممتدة عبر البحرين المتوسطي والأطلسي. سمي كذلك لحمله نفس اسم القائد والرحالة سيلاكس الذي كلفه الإمبراطور الفارسي داريوس استكشاف المجالات الواقعة بمحاذاة المحيط الهندي ،ولم يصل بتاتا للمحيط الأطلسي.
- الرحالة أوتيمين (القرن 4 ق.م):
يشير العديد من الكتاب القدماء ("بلوتارخ (وس)" مثلا وهو من أعلام القرن 2م).لهذا الرحالة الغالي الأصل (من مدينة مرسيليا الحالية) الذي أبحر وراء الأعمدة . ولم نعرف المدى الذي بلغه لأنه لم تصلنا إلا شذرات من تقريره.
- الرحالة بوليب (القرن 2 ق.م):
يشير الموسوعي اللاتيني بلين الشيخ (من أعلام القرن 1 م.) لهذا الرحالة الإغريقي الذي أمره القائد العسكري "سيبيون الإيميلي" باختراق الأعمدة لاستكشاف ما وراءها مباشرة بعد مشاركته إلى جانبه في تدمير مدينة قرطاج سنة 146 ق.م بوليب هو مخطط عسكري،وهو كذلك مؤرخ مشهور كما أسلفنا توضيح ذلك. تفيد بردية من مدينة هيركيلانوم الإيطالية في معرفة أن عدد السفن المشاركة في هذه الرحلة بلغ 7 سفن.وقد كان برفقة الرحالة بوليب الفيلسوف الإغريقي "بنايتيوس الرودسي " الذي هو صديق للقائد الروماني المشار إليه سيبيون .تعرف رحلة بوليب ب"الرحلة المقلوبة "لأنه بدأ وصف ساحل المغرب الأطلسي انطلاقا من سلسلة الأطلس وليس بدء من أعمدة هرقل كما فعل غيره من الرحالة.
-الرحالة أودوكس السوزوكي ( نهاية القرن2 ق.م وبداية القرن 1 ق.م):
يشير العديد من الكتاب القدماء لهذا الرحالة الإغريقي ومنهم ، الموسوعي اللاتيني" بلين الشيخ"والإسباني "بومبنيوس ميلا " (كلاهما من القرن 1 م. ) .انطلق أودوكس من مدينة قادس الإسبانية قاصدا شواطئ المغرب ،إلا أن رحلته باءت بالفشل. للإشارة، ينتهي حلم الطواف واستكشاف الساحل الأطلسي خلال القرن الأول قبل الميلاد (ستسند مهمة الاستكشاف خلال العصر الرومي للقادة العسكريين) يذكر الجغرافي الإغريقي "سطرابون" (هو من أعلام القرن 1 ق.م) في مؤلف المعنون ب "الجغرافية "،الكتاب الأول ،الفقرة 32 ما يلي :" كل من حاول استكشاف الشواطئ الغربية ابتداء من الخليج العربي أو أعمدة هرقل إلا وعدل عن مشروعه لصعوبة الملاحة ...وقرر الرجوع إلى نقطة بداية رحلته".
الببليوغرافية :
البضاوية بلكامل، محاضرات حول تاريخ شمال إفريقيا( لفائدة طلبة الإجازة والماستر والدكتوراه ) ، منذ 1988.