اختلفت المسميات التي اطلقها المصرون على شعوب الشرق الأوسط القديم تستعمل المصادر الفرعونية مسميات "بلاد الأمورو"،وأيضا "رتنو "لتسمية المناطق الواقعة شرق مصر فيما يطابق سوريا الكبرى أو بلاد الشام. و ورد في بعض المصادر القديمة،و منها الآثار المصرية المتأخرة أيضا مصطلحا "كنعان" و" بلاد كنعان" بصيغ قريبة من بعضها البعض ؛وردت بالوثائق المتعلقة بحملات الفرعون " تحوتمس الثالث"((1450- 1425) من الأسرة الفرعونية 18) لفظة كنعان على النحو التالي : - (كنعانة) ( Ki- na- ah-na أو- (كنعاني) Ki- na- ah-ni . واستعملت نصوص تل العمارنة من عهد الفرعون "أخناتون"(من الأسرة 18) عبارة (مت كناهي)Mat-ki-na-hi للدلالة على ساحل سوريا الكبرى ، وعرف الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في نقش للفرعون رمسيس الثاني (من الأسرة التاسعة عشرة ) باسم" فنخو/ فنخيو"(FN hW) . ووردت بالنصوص الرافدية من دولة أكاد (خلال منتصف الألف الثاني قبل الميلاد) صورة لغوية مشابهة للمصطلح المصري الكثير التداول ممثلة في كلمة (كناكني) Kinakhni .
دلالات مسميات مصر الفرعونية لشعوب الشرق الأوسط القديم
عرف الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بالعديد من المسميات العامة والتفصيلية ، منها تسميته ببلاد " أمورو" و"رتنو" و" بلاد كنعانة" و"زاهي" و"فنخو/ فنخيو".... وربط العديد من الباحثين المعاصرين بين هذه اللفظة الأخيرة وبين المصطلح الإغريقي "فونكيس"Phoenix "الشائع الانتشار الذي اشتقت منه وفق هؤلاء تسميات: فينقيا وفينيقيون وبونيون،ويعني المصطلح عند الإغريق حسب هؤلاء المتخصصين : " الصباغة المستخرجة من القوقعة البحرية المعروفة باسم "الموريق""، وتعطي هذه الصباغة اللون الأرجواني، ولذا حملت الساكنة والصباغة نفس التسمية.
دلت لفظة فونكيس( فينيقيا )عند بعض الكتاب الإغريق- وفي طليعتهم الشاعر "هوميروس"(8 ق.م.)- على طائر العنقاء الخرافي ،وهو طائر يتميز بلونه الأحمر الغامق، وهناك من وافقت اللفظة عنده اللون البني وهو لون بشرة التجار الفينيقيين التي اتخذت هذا اللون لكثرة أسفارهم وتعرضهم الدائم للفحات الشمس الحارة .وذكر آخرون بأن أصل الكلمة لفظة" فونوس "الدالة على لون الدم الأحمر ، وذكر البعض بأنه اللون الأحمر المستخدم في تزيين العربات ،بل اقترح آخرون ربط لفظة فونكيس بطبيعة البيئة الفينيقية المميزة بالصخور الحمراء المنبثة عبر الساحل الشرقي للبحر المتوسط الذي استوطن الفينيقيون ضفافه. وافقت اللفظة عند بعض المتخصصين " قاطعي الخشب " كناية على حرفة الفينيقيين المتمثلة في قطع الأخشاب من أشجار الأرز من أجل صناعة مراكبهم .اعتبرها آخرون مجهولة الأصل.
يستشف مما سبق ذكره بأن آراء الباحثين متباينة في ضبط مدلول تسمية "فونكيس" ،فهناك من اعتبرها مجهولة الأصل ،وهناك من اعتقد بأن لها علاقة باللون الأرجواني ، فربطها بالمنتج وبتاجر الصباغة الأرجوانية نفسه ، ورأى آخرون بأنها تسمية مستمدة من البيئة المحلية للبلد بصخورها ووحيشها.
مهما كتب حول هذا الموضوع ،فالراجح بأن الآخرين هم الذين نعتوهم باسم الفينيقيين ،أما هم فكانوا يطلقون على أنفسهم اسما آخر انتشر تداوله بالمصادر بمختلف أنواعها أدبية وأثرية - من الألفية الثانية قبل الميلاد إلى القرن الخامس الميلادي - يتعلق الأمر بالمصطلح التالي : " بني كنعان". فعلى سبيل المثال تضمنت النقيشة المشهورة ب" نقش البرازيل " العبارة التالية :" أي ها نحن بني كنعان" وتحدث القديس أوغسطينوس من مشاهير الشمال الإفريقي خلال القرن 5 م. عن الكنعانيين .
الراجح أن يدل مصطلح "فينيقيا " على الصباغة الأرجوانية التي اشتهر بها البلد وتجاره أنفسهم .،وأن يصبح الجزء (فينيقيا) مثله مثل الكل (كنعان) أي يصبح مرادفا له .
- شعوب البحر
مجموعات بشرية مختلطة هاجمت مصر خلال حكم الفرعون "مرنبتاح " (1224 -1203 ق.م.) من الأسرة 19 قادمة من جهتها الغربية ،فأنزل بهم الفرعون هزيمة ساحقة بغرب الدلتا كما تفيد في معرفة ذلك لوحة ضخمة عثر عليها بمعبده بطيبة ونقلت للمتحف المصري بالقاهرة.سيعاودون الهجوم خلال حكم "رمسيس الثالث " (1184 -1153 ق.م.) من الأسرة 20 الذي سيخوض ضدهم معارك بحرية وبرية كما يدل على ذلك نص الانتصار الذي كتب على جدران معبده بمدينة هابو غرب الأقصر. بأن عناصر "المشواش" الشمل إفريقية، رافقوا هذه المجموعات البشرية خلال هجومها على مصر الفرعونية.
البضاوية بلكامل، محاضرات حول تاريخ الحضارات القديمة( لفائدة طلبة الإجازة والماستر والدكتوراه ) ، منذ 1988.