أثر الحضارة الفارسية، البونانية و الهندية على الحضارة العربية الاسلامية
أصبحت الحضارة العربية الاسلامية مترامية الأطراف في العصر العباسي. و قد فتحة حضارات أخرى عظيمة كالفرس و الروم الشرقيين و القوط. و بهذا فلا شك أن العرب تأثروا بهذه الحضارات و لاسيما في مجال العلوم .
1-الحضارة الفارسية:
هناك حضارات كانت لها أثر و تأثير في الكتابة التاريخية العربية الإسلامية وتستحق وقفة خاصة. فمن أهم هذه الحضارات يجب أن نذكر الحضارة الفارسية.
كان الفرس أكثر الشعوب المفتوحة اختلاطا بالعرب، نظرا للجوار العريق و الوثيق ونظرا لكونهم بعدما اندثرت الدولة الساسانية اندمجوا في الدولة الإسلامية الناشئة وشاركوا في بنائها بخبرتهم بل سرعان ما تولوا فيها مناصب المسؤولية وهذا ما تم في أجل صورة في عهد الدولة العباسية.
ظهر أثر الفرس في نظام الخلافة العباسية وفي حياة البلاط الخليفي وفي حياة عدد من رجال الدولة في بيوتهم ودواوينهم. يضاف إلى كل هذا أن الفرس كانت لهم ثقافة. وقد تصدر عدد من المترجمين لنقل کتب فارسية وعلى رأسهم عبد الله بن المقفع الذي ترجم كتبا فارسية تتعلق بالتاريخ والأدب والسياسة. وسرعان ما ظهرت علامات التأثير في الأدب من الشعر والنثر وفي التأليف العلمي وفي الفنون الجميلة على اختلافها بحيث يمكن القول إن التراث الفارسي دخل برمته في تركيب الحضارة الإسلامية بعد تجريده من آثار الوثنية والجاهلية.
أخذ العرب من الفرس نظام الوراثة في الحكومة وأدخلوا نظام الوزارة والحجابة. برز أثر الحضارة الفارسية غلى الحضارة العربية الاسلامية في طرق الزراعة والري وإنتاج بعض المحاصيل الجديدة مستفيدين من خبرتهم الطويلة في هذه المجالات. أما بالنسبة للصناعة ، فقد قلد العرب نماذج الصناعات الفارسية ، مثل صناعة: الخزف والبورسلين والسجاد والملابس المختلفة.
وبالمثل ، دخلت بعض جوانب المجتمع الفارسي في الحياة الاجتماعية للمجتمع العربي ، فيما يتعلق بالطعام والسكن والملبس ، فضلاً عن احتفالات الأعياد واعتماد أنواع جديدة من الترفيه.
برز العديد من الرجال الفارسيين كأعلام الحضارة الإسلامية ، وكانوا من ركائز النهضة الثقافية والفكرية للحضارة الإسلامية ، مثل: الإمام أبو حنيفة النعمان ، حماد الراوية ، الشاعر ، سيبويه ، أحد الأعمدة. شخصيات بارزة في النحو واللغة والأدب ، ابن قتيبة وابن إسحاق وابن سينا الطبيب الحكيم والفيلسوف الشهير.
2- الحضارة اليونانية:
يختلف الوضع بالنسبة لهذه الحضارة وما بقي من آثار التراث اليوناني، استفادت منه وتناقلته بلدان مختلفة في شرق البحر الأبيض المتوسط وغربه. لقد انتشرت الثقافة اليونانية قبل الإسلام في مصر والشام وفارس والعراق وحينما انتشر الإسلام في هذه البلدان سرعان ما التقى بالثقافة اليونانية. وكان أول التقاء منذ عهد الأمويين لكن الاتصال الوثيق ظهر في عهد العباسيين بفضل تنظيم حركة الترجمة في القرنين الثاني والثالث للهجرة حيث نقلت كتب عديدة في الفلسفة والطب والفلك والهندسة والطبيعة. فكان إنتاج هذه الترجمة هو الأساس الأول الذي بني عليه العرب مساهمتهم في تقديم الثقافة العالمية أثناء العصر الوسيط.
3- الحضارة الهندية:
من الطبيعي أن يكون هناك تأثير للكتابة والفكر الهندي على الكتابة الإسلامية منذ نشأتها. فالصلة كانت وثيقة بين الهند والشرق الأدني بل ترجع إلى عهد مبكر في التاريخ القديم. ومن مظاهرها العلاقات التجارية التي كانت قائمة بين الجزيرة العربية والهند عبر المحيط الهندي في العصر الجاهلي. ثم جاء الفتح الإسلامي سنة 93ه فخلف روابط جديدة مع الهند.
محاضرة الاستاذ عبد الرحمان بحيدة. مدخل لدراسة التاريخ. جامعة مخمد الخامس. كلية الاداب و علوم انسانية الرباط