يعتبر مايكل أنجلو من أهم الفنانين في عصر النهضة الأوروبية. تجلت عبقرية مايكل أنجلو نحات عصر النهضة في المقدرة على النبوغ والوصول إلى القمة الأوروبية في جميع ميادين الفنون، وعلى رأسها النحت. فقد أخرج من الصخور روائع لاتزال تزين المتاحف وساحات فلورانسا، ومارس فن العمارة بمقدرة عالية جمعت بين الجمال والقوة مجتمعتين في عمل واحد. كما أظهر براعة منقطعة النظير في فن الرسم، ونافس معاصريه. إلا أن النحت كان فنه المفضل، معتبرا إياه وسيله لتحرير الأجسام الآدمية ذات الأبعاد الثلاثية من داخل الكتل الحجرية الضخمة، إذ رأى في النحت وسيلة لإطلاق وتحرير الجسم الكائن في الحجر، مركزا على نحت الأجسام البشرية التي تجمع بين الجسد والروح معا .
نشأة مايكل أنجلو
تتلمذ مايكل أنجلو في فلورنسا على يد كبار الفنانين، وأبان منذ صباه على موهبة فذة لفت أنظار أمير المدينة "لورينزو دي ميديتشي"، فألحقه بمعهد النحت وجعل له مرتبا شهريا ليتفرغ لدراسة علم التشريح، كمقدمة أساسية للإحاطة بتكوين جسم الإنسان قبل رسمه ونحته. لذلك اشتهرت أعماله بالتركيز على تفاصيل الجسم الدقيقة في لوحاته، وخاصة في منحوتاته، معللا ذلك بأن إبراز جمال الجسد الآدمي يؤكد للرائي على عظمة الخالق في تشكيل خلقه على أحسن صورة. وبالتالي فإن المنحوتات البشرية العارية لها من الصفات الجمالية والتشريحية ما يجعلها بعيدة كل البعد عن كل ما يثير الغرائز الرخيصة أو الشعور بالخجل. وعن ذلك يقول: "تعد الملابس في اللوحة أو التمثال عبارة عن عازل يحول دون إبراز حركات جسده ومشاعره وتعبيراته"، وقد برز ذلك بوضوح منذ أول تمثال نحته حمل اسم" كيوبدو" وعمره لم يتجاوز 26 سنة، ما حوله إلى أهم نحاتي إيطاليا في عصره.
إبداع مايكل أنجلو
أبدع مايكل أنجلو خلال مقامه في فلورنسا بنحت الأساطير الإغريقية، إلا أنه غير توجهاته الفنية نحو رموز كاثوليكية بعد انتقاله إلى روما، فنحت بكنيسة "القديس بطرس" أحد أشهر أعماله الموسومة ب"تمثال الرحمة". يمثل هذا المجسم السيدة العذراء وقد شاح على وجهها حزن هادئ وعلى ركبتيها تنسد جثة المسيح بعد إزالته من الصليب. إنها مزيج بين الكمال والجمال والقوة التعبيرية تكوين والتكوين القوي والقيم الفنية الكلاسيكية والمهارة المطلقة في التنفيذ، أخذا بعين الاعتبار مبدأ التناسب في المقاسات والتفاصيل الدقيقة في الملامح والملابس وتشريح الجسم، مع تباين الأحاسيس والمشاعر المعبر عنهما، فوجه السيدة العذراء يوحي بالحزن والذهول والهدوء، أما يدها اليسرى فتعكس شعور الاستغراب والاستنكار الذي ينتاب الأم وهي تحمل ابنها المتوفى. أما تهدل جسم المسيح فهو تعبير عن موت الجسد وانتزاع الروح.
محاضرات الأستاذ محمد الكرادي وحدة النهضة الأوروبية كلية الأداب و علوم انسانية جامعة ابن طفيل القنيطرة