مقدمة الكتاب :
راج الحديث
كثيرا ، في الأوقات الأخيرة ، عن المجاعة والجفاف بسبب الأحداث الدرامية التي
عاشتها إثيوبيا، وما خلفته من أصداء في وسائل الإعلام الأوربية والأمريكية
الشمالية. فقد عرضت القنوات التلفزية والصحف أراضي خالية وأشجار موميائية وأشباح
مؤثرة لرجال ونساء جياع ووجوه أطفال صغار محتضرة
أثارت هذه
الصور تعليقات وافرة في الصحف . فقد رأى فيها البعض تغيرا في المناخ واكتساحا
حتميا للصحراء ، بينما رأى البعض الآخر أن الأمر لا يتعلق فقط بإفريقيا وبعامل
المناخ وحده بل أساسا ب "التوزيع اللامتكافىء" وبمجموع العالم الثالث.
أما منظمات
الغوث ومحاربة الجوع ، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات غير الحكومية أو الدولية ،
كمنظمة الأغذية والزراعة، فتحاول ، وبشدة ، إسماع صوتها و الزيادة في دعمها المادي
، لكنها تدخل في مزايدات حقيقية حول عدد الضحايا المصرح بها : 10 ملايين ، 20
مليونا، 50 مليونا من ضحايا الجوع سنويا.
وبالنظر إلى هذه التقديرات القياسية ، يتحفظ الديموغرافيون بقوة ، ويلاحظون برصانة أن الخمسين مليونا من : موتى الجوع" التي يرجحها البرلماني الإيطالي المتطرف مارکو بانيلا في نداء موقع سنة 1982 من طرف ثلاثين شخصية حاملة لجائزة نوبل ، تمثل في الواقع مجموع الوفيات ، بما في ذلك الهرم والأمراض والحوادث ، والذي قد ينطبق منطقيا على العالم بأسره.
نعرف بالفعل ، أن العالم الثالث يشهد منذ ثلاثين سنة تزايدا ديموغرافيا سريعا جدا، بسبب التقلص الهائل في نسب الوفايات والارتفاع الشديد لنسب الولادات والخمود التقريبي والشامل للمجاعات والأوبئة العظمی