اشتهر موقع تمودة كنموذج عمراني لمدينة ماقبل رومانية ,ولقد اتبثة الأبحاث الأركيولوجية التي قام بها الأركيولوجيون الاسبان في موقع تمودة,وجود اثار مدينتين متعاقبتين الواحدة فوق الاخر ,فماهي اذن المصادر الادبية ,وكذا المخلفات المادية التي ساعدت الباحثين في اعادة كتابة تارخ موقع تمودة ,واعادة اسكتشافه من جديد ؟
· موقع تمودة
تقع تمودة وسط سهل خصب,على الضفة اليمنى من واد مرتيل الذي يجري من الغرب الى الشرق .حيث جبال بني جزمر جنوبا ,وسامسا شمالا ,على بعد 5كلم جنوب غرب تطوان
· مصادر تاريخ تمودة
· تاريخ الحفريات في تمودة
بدأت التنقيبات الأثرية في المغرب في المناطق الساحلية الأطلسية مقتصرة على السهول؛ وظلت ناحية تطوان مفتقرة إلى هذه الأبحاث لمدة طويلة، الى أن أحدثت بها مصلحة الآثار سنة 1920، حيث باشرت أعمالها في مجموعة من المواضع الأركيولوجية بالمنطقة الشمالية، بما فيها تمودة .
ولقد نشر أول تقرير عن حفريات تمودة سنة 1922 ، وكان "مونطالبان" أول من أشرف على التنقيبات التي تمت في الحي الغربي من المدينة، دون نشر نتائجها. وتابع من بعده هذه الحفريات ''كواتيرو أطوري'' بين 1940 و 1944، ومن بين ما عثر عليه، مقابر قديمة، وجزء من المدينة الأولى، يقع حول ساحة كبری . وفي سنة 1946، قام "سيزار موران'' بدوره حفريات في نفس الموضع، تابعها بعد ذلك Tarradell بين 1948 و 1956، ونشر نتائجها في مجموعة من الدراسات صدرت بين 1949 و 1976 . ويشير هذا الأخير في كتابه ''المغرب البونيقي" إلى أن عملية التنقيب في تمودة لم تنته بعد، وخاصة بالنسبة للحيين الشمالي والغربي. إلا أنه يمكن القول بأن بنية المدينة في خطوطها العريضة أصبحت معروفة، ونفس الشيء يمكن أن يقال بالنسبة لتطورها التاريخي .
وتجدر الإشارة الى أن البحث الأثري بمفهومه الحديث، لم يبدأ في شمال المغرب الا مع . Tarradell وقبل هذا الأخير، قام بعض الأركيولوجيين الإسبان "الهواة" ، بتنقيبات أقرب الى التخريب منها الى البحث الأركيولوجي, فأغلبهم لم ينقب في هذه المنطقة حبا فيها وسكانها ومآثرها ، بل كان هدفهم الرئيسي۔ هو تبرير استعمارهم للمنطقة , بأن شمال المغرب و اسبانيا تجمعهم وحدة جغرافية مشتركة, و على أن موريطانيا الطنجية كانت اقليما تابعا لإسبانيا في عهد الرومان , و ما هم إلا ورثة لإمبواطورية الرومانية يعيدون الاقليم الى حكمه الأصلي.
· تاريخ تأسيس تمودة
أثبتت التنقيبات الأثرية التي قام بها الأركيولوجيون الإسبان في موضع تمودة ، وجود آثار مدينتين متعاقبتين الواحدة فوق الأخرى.
الأولى والأقدم هي تمودة البونيقية الموريطانية التي أسست حوالي 200 ق. م. وهدمت خلال النصف الأول من ق. I.ق.م. ثم أعيد بناؤها بعد ذلك الى أن خربت ثانية سنة 40 م ؛ والثانية : تمودة II وهي عبارة عن حصن روماني "Castellum" شید وسط المدينة المهدمة. ولقد اكتسى الحصن المذكور شکل مربع امتد كل سور من أسواره الأربعة على مسافة 80 م، وتوسطت هذه الأسوار أربعة أبواب ؛ ولقد تم تدعيم هذه الأسوار في فترة لاحقة بمجموعة من الأبراج .
· مباني تمودة
كانت بيوت تمودة تشتمل بصفة عامة على عدد قليل من الغرف المستطيلة الشكل، تتسم ببعض الضيق، رما لتسهيل عملية التسقيف.
وبما أن هذه الأبنية قد دکت تقريبا عن آخرها ولم يبق منها إلا الأسس، أصبح من الصعب تحديد المكان الذي وجدت فيه أبواب هذه البيوت وبالتالي التمييز بين الجدران الداخلية الفاصلة بين الغرف، وبين الجدران التي كانت مشتركة مع البيوت الأخرى. ولقد افتقرت هذه البيوت الى بهو داخلي كالبيوت الإغريقية أو الرومانية ولعل هذا ما يميز البيوت التمودية عن سواها. فالبرغم من كون هذه المدينة اكتست طابعا هيلينستيا من حيث المعمار، فإن بيوتها افتقرت الى البهو أو الفناء الذي كان سائدا في العالمين الإغريقي والروماني .
أ- الحي الجنوبي :
يعتبر هذا الحي من أهم أحياء المدينة، ولقد اشتمل على ساحة كبری مستطيلة الشكل تعتبر الوحيدة من نوعها فيما عثر عليه لحد الآن في هذا الموضع.
واعتقد الأكيولوجيون في بداية التنقيبات، أن ساحة تمودة هذه كانت عبارة عن أغورا أو ساحة عامة ؛ لكن انعدام المباني العمومية - التي كان السكان يمارسون فيها أنشطتهم الدينية منها والمدنية - حول هذه الساحة تضعف من احتمال هؤلاء حسب طراديل Tarradell . إلا أن هذا الأخير، يقول باحتمال وجود هذه المباني العمومية وسط الساحة الكبرى المغطى بالمعسكر الروماني
وما يميز هذا الحي الجنوبي ، متانة مبانیه وإتقانها. ولقد بنيت بعض جدرانه بكتل حجرية كبيرة نحتت بإتقان، والبعض الآخر بأحجار طبيعية أحسن ترتيبها . وتخللت هذه الجدران أبواب متعددة، غير بعيدة عن بعضها البعض بصفة عامة، تفضي الى بيوت صنفها Tarradell طرادیل به « المنازل العادية». وكان كينطيرو قد اعتقد قبل ذلك أن هذه البيوت المحيطة بالساحة الكبرى كانت عبارة عن مخازن ومحلات تجارية نظرا لعدد الجرار الكبير التي عثر عليها في هذه الأماكن . لكن طراديل Tarradell تأكد في أعماله اللاحقة من أن كل المنازل التمودية لم تخل من هذه الجرار، الشيء الذي يعتبر على حد قوله معتادا من جهة، ويقلل من احتمال كينطيرو من جهة اخرى .
وعثر في هذا الجزء الجنوبي من المدينة على بقايا من بناية ضخمة (جزء من تاج العمود وأجزاء من الأعمدة والإفريز)، ربما شكلت معبدا في ذلك العهد ؛ ولم يتمكن طراديل Tarradell من العثور على موضع هذا المعبد المحتمل بالضبط.
ب - الحي الشرقي :
لعل ما يميز هذا الحي هو حسن تخطيطه، فلقد كشفت الحفريات عن أربعة شوارع تفصل بين أربعة تجمعات سكنية كاملة، وجزء من التجمع الخامس ، تم تشيدها حسب تصميم هندسي سابق دون شك . فجل الشوارع والأزقة نجدها تمتد متوازية بعضها البعض، أو متقاطعة فيما بينها طبقا لمستويات متعامدة تتخللها بنايات يغلب عليها الطابع الهندسي، ويميز جدرانها التناسق والصلابة في نفس الوقت ، لكن تنقصها فخامة واجهة بنايات الحي الجنوبي المطلة على الساحة الكبرى.
· النقائش
تعتبر نقائش تمودة نادرة وقد تم العثور على ثلاتة نقائش واحدة منها ليبية والاخريتين لاتينيتين
_ النقيشة الليبية :عثر عليها في موقع تمودة ,وهي عبارة عن قطعة من شاهدة رمادية اللون ,جد مشوهة منحوثة في حجر الحث وتوجد حاليا بمتحف تطوان الاثري
_النقيشتان اللاتينيتان :عثر عليهما في موقع تمودة والاولى عبارة عن قطعة من حجر الكلس كسر جزئها الاعلى في الجهة اليسرى,وقد تم العثور عليها سنة 1933 وهي موجودة في المتحف الاثري بتطوان .والثانية عبارة عن بلاطة من الرخام مشوهة وهي ايضا توجد بنفس المتحف.
· الخزفيات
تشكل الخزفيات القسم الاكبر من البقايا الاثرية التي عثر عليها في موقع تمودة زاغلبها يصنف ضمن الخزفيات العادية المتباينة الجودة.
الخزفيات الكمبانية :هي عبارة عن اواني اطالية الصنع استعملت في مجموع حوض البحر الابيض المتوسط ,حيت تداولت بين القرن 15 و القرن 1 ق.م ,وتتميز عن سواها ببرنيقها الاسود .وقد بدا المغرب في استيراد الخزفيات الايطالية حوالي 200 ق.م وقد قسمها موريل من الناحية الكرولونوجية الى ثلاتة مجموعات اكدتها نتائج التنقيبات الاثرية في مختلف المواضع الاركيولوجية المغربية .
المجموعة الاولى :مابين 250 و200/180 ق.م
المجموعة الثانية: تجد عدة اشكال ترجع الى مابين 250 /180 و 120/100 قزم تتوزع بين لكسوس,طنجة.وليلي وتمودة.
المجموعة الثالتة :وتشكل بالنسبة لخزفيات ( ...) اساسا وترجع خزفيات هذه المجموعة الى مابين 120/100 و50/30 ق,م
· الجرار
تشمل الاصناف البونيقية والرومانية ,قواعد هذه الجرار مستدقة الطرف الشيى الذي يمكن مستعمليها من غرزها في الارض او سندها الى الجدران حتى تظل منتصبة
أ:الصنف البونيقي :اقدم جرار تمودة هي الجرار البونيقية والتي يرجع تاريخها حسب (..ز) الى الفترة الواقعة مابين القرن 15 و القرن 3 ق,م وهي عبارة عن جرار طويلة الشكل اعناقها ضيقة وقصيرة وتشمل على عروتين .
ب الصنف الروماني المتطور :وهي جرار تداولت من منتصف القرن الاول ق.م الى عهد اغسطس
· الأجر
الى غاية عهد اغسطس لم يستعمل الرومان في بنائهم الاجر المشوي ,اقتصروا على استعمال الصلصال الغير المشوي في جل الاقاليم الرومانية .حيث نجد هذا الصلصال استعمل في عهد الملكين يوبا 2 وبطليموس في تمودة وقد تعمم استعمال الادر المشوي بعد سنة 40 م .
· النقود
وقد قسمها المختصون الى خمس مجوعات .النقود النوميدية ,النقود الاسبانية ,النقود المسكوكة في عهد الملكين الموريطانيين يوبا 2 و بطليموس ,النقود المسكوكة في المدن الموريطانية ذات الحكم الذاتي كطنجة ,ليكسوس وتمودة,النقود الرومانية ويعتبر عدد قطعها في تمودة قليلا بالمقارنة مع المجموعات الانفة الذكر.
خلف سكان المدينتين آثارا متباينة مكنتنا من تتبع مراحل تاريخهم - منذ تأسيس المدينة حوالي 200 ق. م. الى غاية انقراضها خلال الربع الأول من القرن ۷م - بالرغم من بعض الفجوات التي تتخلله. لذا أصبح استئناف أعمال التنقيب أمرا حيويا بالنسبة لهذا الموضع الذي قد ينطوي على آثار جديدة من شأنها تصحيح بعض المعلومات وتدقيق البعض الآخر، وكذا تفسير بعض الأحداث التي لازالت تشكل لغزا للمختصين كتهديم تمودة الأول.
· مصطفى غريس, تمودة , منشورات كلية الأداب و العلوم الإنسانية بتطوان , جامعة عبد الملك السعدي.