كنانيش، الديموغرافية التاريخية في أدب الرحلة pdf
تعد كتب الرحلات من الذخائر المهمة في الحضارة، التي لا غنى عنها للباحث في اي مجال من المجالات المعرفية المختلفة، غير انها لم توظف في هذه المجالات بما فيه الكافية خاصة في مجال التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، وذلك لبعض الإشكاليات التي يطرحها المؤرخون، مثل ما مدى مصداقية هذه الرحلات فيما تورده من إحصائيات ؟ وهل تعد من الوثائق التي يمكن الاعتماد عليها في البحث التاريخي؟ وهل هذه الرحلات تمت فعلا.
إن هذه الإشكالية لها ما يبررها، وذلك لأن المؤرخ يعتمد في أبحاثه على مصادر تاريخية التي لا يجد بها مثل تلك المعلومات التي وردت في هذه الرحلات، الأمر الذي يجعله يشكك حتى في مصداقية الرحلة التي رجع إليها، وينطبق هذا على الزياني، المؤرخ المغربي الذي شك في رحلة ابن بطوطة وربما رجع في ذلك إلى ابن خلدون الذي لم يعتمد على هذه الرحلة في كتابة تاريخه،مع العلم انه ركز على مروج الذهب للمسعودي. إلا أن عدم أخذه عن الرحلة المذكورة يرجع إلى أنه كان شاهد عيان الأحداث عصره سواء بالمشرق أم المغرب.
بالرغم من هذه الإشكاليات وممبرراتها، ينبغي للباحث في المجال التاريخي أن يتبع منهجا نقديا مع المقارنة بين المعطيات الواردة في هذه الرحلات وبين ما ورد في بعض المصادر غير التاريخية ككتب النوازل والحسبة وغيرها التي لا تعتمد على الأحداث السياسية والنزاعات والحروب حتى تتم له الاستفادة من هذه الذخائر المهمة.
تطالعنا المصادر والمراجع التاريخية أن الصلبيين قتلوا اعدادا هائلة عند هجومهم على الشام للاحتلال بيت المقدس سنة 492 هجرية، فهذا احمد بن علي الحريري يقول بأنهم قتلوا المسلمين في الحرم مائة ألف وسبوا مثلهم، وقتلو شيوخ وعجائز وسبوا النساء والصبيان. ونقل سهيل زكار عن كتاب أعمال الفرنجة وكان صاحبه شاهد عيان، ان الصلبيين خذوا في مطاردتهم المسلمين معملين فيهم القتل والتذبيح حتى بلغوا هيكل سليمان حيث جرت مذبحة هائلة، فكان رجالنا الصليبيون يخضون حتى كعوبهم في دماء القتلى. ولما ولد حجاجنا جدوا في قتل المسلمين ومطاردتهم حتى قبة عمر، حيت تجمعوا واستسلمو لرجالنا الذين اعملوا فيهم القتل طيلة يوم باكمله.
العنوان : الديموغرافية التاريخية في أدب الرحلة
تنسيق : مصطفى نشاط. محمد استيتو
الناشر : منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية وجدة.
عدد الصفحات : 229 ص