بدأت العلاقات بين المغرب والهولنديين في عهد السعديين عندما كانت هولندا تعاني من بطش الأسبان. ففد لقي الهولنديون عنتا كبيرا من الاستعمار الإسباني ، فما أن تم تحررهم من هذا الاستعمار ، حتى كان المغرب أحد البلدان الأولى التي ارتبطوا معها بعلاقات تجارية وسياسية ، وكانت اسبانيا عدوة مشتركة للبلدين .وعندما غزا الهولنديون بالاشتراك مع الأسطول البريطاني مدينة قادس وفتحوها ، وجدوا بها مغربيا من أعيان فاس تحت قبضة الإسبان ، فبعثوا به إلى أحمد المنصور سنة 1596م.
وكان المنصور
يتتبع باهتمام وإعجاب أنباء انتصارات الهولنديين في بلادهم على الغزاة الإسبان ،
حتى إنهم سلموا فيما بعد إلى ابنه أبي فارس سنة 1013م (1604م) مائة أسير مغربي
وجدوهم في اسبانيا بعد أن غزوا شواطئها . على أن أهم حادث دشنت به العلاقات بين
المغرب و هولندا هو أن الهولنديين أجروا مفاوضات مع المنصور على يد أحد أبناء
"دون أنطونيو"، وأثاروا خلالها موضوع تسليم قادس إلى المغرب يمكن عن
طريقها إعادة فتح الأندلس ، إلا أن خلاف نشب بين أسطولي هولندا وانجلترا منع من
تحقيق ذلك .
وفي أوائل
القرن السابع عشر الميلادي بدأت هولندا تستورد من المغرب السكر والزيت واللوز
والعسل والتين والشمع والجلود ، وتصدر إليه الأسلحة والأقمشة .
وكان أول قنصل
رسمي لهولندا بالمغرب هو "بيتير مارتینز کوي Peter
Martentz Coy"
الذي عين من سنة 1605 إلى 1609م، وكانت مهمته سياسية وتجارية ، وقد استقر بمراكش ،
وبذل جهودا عظيمة لتوثيق الروابط بين المغرب وبلاده .
على أن أهم شخصية
تدخلت في العلاقات بين البلدين هي شخصية صمويل بالاش (باء مثلثة)، وهو يهودي من
أصل أندلسي قام بمهات سياسية في عدة دول ، إذ كان من المعتاد أن يتنقل بعض الأشخاص
المشهورين بالمغامرة والذكاء للعمل في هذا البلاط أو ذاك ، حتى إن بالاش هذا عمل
في البداية لصالح هولندا ، ثم صار ممثلا للمغرب فيها ، وقامت أسرته بمهات مماثلة
وكانت مع هذا تحتكر التجارة بالمغرب خصوصا التجارة الخارجية .
ونادرا ما كانت
سفن المجاهدين (قراصنة سلا
كمثال) تتعرض للبواخر الهولندية ، ذلك أن عددا كبيرة من اليهود المهاجرين من
الأندلس استقروا بهولندا التي كانت تدعي بالولايات العامة ، وهم الذين كانوا
يقدمون القروض لحركة الجهاد البحري الشعبي من أجل التسلح.
کما تعاملت
هولندا رسميا مع الدلائيين
وجمهورية أبي رقراق ، واستقبلت عددا من ممثيلهم ، حيث إن الدول الأجنبية كانت ترعى
مصالحها الاقتصادية أكثر مما تراعي الاعتبارات الإنسانية .
حركات إبراهيم، المغرب عبر التاريخ، الجزء الثاني، نشر وتوزيع دار الرشاد الحديثة، الطبعة الثانية 1994. ص313-314