تاريخ ايرلندا ireland هو تاريخ صراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت متمثل في بريطانيا البروتستانتية و إيرلندا الكاثوليكية كما أنه تاريخ كفاح من أجل الحرية والكرامة. وتعتبر قضية إيرلندا من أعظم وأخطر المشاكل التي أشغلت البرلمان البريطاني في القرن التاسع عشر و العشرين. كان أول غزو من طرف المملكة الإنجليزية لأراضي أيرلندا من أيام الملك هنري الثاني بين 1154 و 1189 فاستولوا على اراض ايرلندا أخذوا يستدرون منها المال وثار اهالي ايرلندا في أيام الملكة اليزابيث الأولى ثم أيام کرومول فقابلهم البريطانيون بقسوة وأكثروا من مصادرة الأراضي الأيرلندية وفي عام 1688 أيد أهل ايرلندا الملك جيمس الثاني الكاثوليكي فعادت المملكة الإنجليزية إلى استعمال الشدة معهم وصادروا منهم أراضي جديدة أعطيت هي وما أخذ قبلها لبريطانيا جاء أبناؤهم فعاشوا على واردات أملاكهم البعيدة في أيرلندا وهم في بلادهم. وهكذا كانت أيرلندا خلال القرن التاسع عشر ترسل إلى بريطانيا سنويا ملايين الجنيهات يتمتع بها هؤلاء المالكون الغائبون الذين لا يهمهم من الأراضي إلا أخذ وارداتها وكان القاطنون في هذه الأراضي من الفلاحي إيرلندا يدفعون المبالغ اللازمة للملاكين البريطانيين الذي سكن معظمهم في ايرلندا الشمالية من رزقهم وإذا عجز أحد هؤلاء الإيلنديين عن دفع ما يطلب منه جرد من أراضيه وأخرج حتى من كوخه.
وطبيعي أن هذا الوضع جعل فلاحين إيرلندا في شقاء مهددين بالموت جوعا، ويعيشون في البؤس الذي يقاسونه إذا ما قل محصول البطاطا التي كان يعيش عليها بين الثلث والنصف منهم. وقد رأت أيرلندا في تاريخ 1847 سنة سموها بالسنة السوداء حيث كان عام أسود في التاريخ الإيلندي انعدم فيها محصول البطاطا فمات الألوف من أهل أيرلندا جوعا ولم تغن مساعدات حكومة بريطانيا. ان هذا البؤس حمل اهل أيرلندا على الإكثار من الهجرة إلى أمريكا فهاجر خلال نصف قرن 4 ملايين منهم قصد أكثرهم الولايات المتحدة وهم يحملون أشد عوامل النقمة والحقد على الدولة بريطانية.
أخذت الجزيرة البريطانية مذهب البروتستانت فحاولت أن تقلب اهل أيرلندا من الكاثوليكية هو المذهب الذي كان الأيرلندي يتبعه إلى مذهبها الجديد. ولكنهم ابوا عليها ذلك. فالتجأت إلى أجبارهم بإنشاء كنيسة بروتستانتية في بلادهم وبطرد القساوسة الكاثوليك وإبدالهم ببروتستانتيين وأجبار أناس أيرلندا على دفع اعشار وارداتهم القليلة لسد مصاريف القساوسة الإنجليز وكنائسهم.
وأدخل الكاثوليك البرلمان في عام 1829 فسعوا إلى هدم هذا النظام القديم وتمكنوا في تاريخ 1869 من حمل الحكومة على إلغاء الكنيسة الإنجليزية في أيرلندا ireland وإعفاء الأيرلنديين من الأعشار التي كانت تدفع لها عبر التاريخ.
شجع نجاح النواب الكاثوليك في قضية الكنيسة رجالهم إلى طرق قضية أخرى هي قضية الأراضي التي أثار جماعة من النواب يقودهم (بارش) ضجة كبرى حولها في البرلمان، فصدرت بين تاريخ 1881 و 1903 عدة قوانين خففت على الأيرلنديين أجود الأراضي وأسلفت بعضهم المال لشراء ما لديهم منها إذا أرادوا على شرط ان يدفعوا هذا المال أقساطة للحكومة.
لم يقتصر الأيرلنديين the irish على المطالبة بالحرية الدينية وإرجاع أراضيهم أنما كانوا يطلبون الحكم الذاتي (الهوم رول) الذي أشغل البرلمان البريطاني سنوات. كان لايرلندا برلمان خاص بها الغي في تاريخ 1801 وجعل لها مكانه 100 مندوب في مجلس اللوردات إلا أن الوطنيين الأيرلنديين ساهم هذا التعدي فأخذوا يسعون بمختلف الوسائل لاستعادة برلمانهم إذ أن الحل الجديد لم يفدهم شيئا ولم تكن المندوبيهم في البرلمان البريطاني قيمة لان أكثريته بيد الإنجليز والاسكتلنديين ولكن محاولاتهم لم تنجح مدة سنوات طوال.
وأخيرا نال الأيرلنديون الحكم الذاتي، وكان المستر غلادستون قد حاول في تاريخ 1886 و 1839 أن يمنحهم الحكم الذاتي ففشل. واستأنف النواب الأيرلنديون كفاحهم حتى أصدر البرلمان في بداية القرن العشرين تاريخ 1914 قانونا بمنح ايرلندا الحكم الذاتي إلا أن الإنكليز حركوا البروتستانتيين الأيرلنديين الساكنين في شمالي ايرلندا واخبروهم أن تنفيذ القانون يؤدي إلى جعل السيادة للكاثوليك. فقام هؤلاء بحركات عنيفة احتجت بها إنكلترا للامتناع عن تنفيذ القانون وجاءت الحرب العالمية الأولى فأدت إلى نسيان القضية مؤقتة وبعد الهدنة استأنف الايرلنديون الكفاح السياسي فدعا لوید جورج إلى عقد جمعية تأسيسية أيرلندية لم تفد شيئا. وحدثت في البلاد اضطرابات خطيرة قابلتها إنكلترا بقسوة زائدة ارتكبت فيها فظائع عظيمة وفي هذه المدة ألف في البلاد الحزب الجمهوري (الشن فين) الذي يحمل فكرة الاستقلال التام وفصل البلاد عن إنكلترا وجعلها جمهورية.
وفي تاريخ 1921 عقدت بريطانيا مع الأيرلنديين معاهدة شبه إجبارية جعلوهم فيها بوضعية كندا وقد فصلوا ايلندا الشمالية عن الجنوبية وهذا لأن شمال ايرلندا يسكنه البروتستانت من أصول بريطانية لا يسعون للإنفصال . بينما جنوب البلاد يقطنها الإيلنديون الكاثوليك. فجعلوا لكل قسم حكومة محلية وبرلمان والأكثرية في برلمان ایرلندا الجنوبية أو الحرة وهي بيد الحزب الجمهوري الذي يريد أن يلغي يمين الإخلاص لملك الإنجليز وأن يمتنع عن دفع المبالغ التي قسطت على الفلاحين الأيرلنديين مقابل أراضيهم التي استعادوها أو المبالغ التي استلفوها لشرائها والظاهر أن الكفاح في تاريخ ايرلندا والحكومة البريطانية لم ينتهي الى أن استقلت ايرلندا الجنوبية الكاثوليكية عن عن حكم بريطانيا نهائيا.
بتصرف من كتاب جفري برون تاريخ أوروبا الحديث، ترجمة علي المرزوقي، الطبعة الأولى 2006، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان