تميز اللباس التقليدي عبر تاريخ المغرب بالتنوع الكبير الذي ينبع من الغنى الثقافي والجغرافي الذي يميز المغرب بأكمله. فاللباس المغربي سواءا زي الرجل أو المرأة المغربية على مرالتاريخ كان مزيج من ثقافات مختلفة مرت ببلاد المغرب، لا سيما تلك التي تعايشت فيه الشخصية الأمازيغية والأندلسية والإفريقية والعربية واليهودية وغيرها لها بصماتها على اللباس التقليدي عبر التاريخ المغربي. وسنحاول في هذا الموضوع التعرف على اللباس المغربي التقليدي من أواخر العصر الوسيط إلى بداية العصر الحديث أي في العصرين المريني و السعدي.
اللباس التقليدي المغربي في العصر المريني
كان اللباس التقليدي المغربي في العصر المريني عند عامة الأمازيغ في قرون کساء من صوف ومطرقة من أرجوان وجلموسة غليظا على الرأس ، كما كانوا يتقلدون بسراف وهو سكين كبيرة .
وكان اللباس عند الفقهاء المغاربة زي يتكون نت سلهام وبرد كلاهما أبيض من صوف ، ثم احرام للتردية ومنديل يتعمم به وذراعين ، وقبطية سداسية . أما اتخاذ البياض في اللباس التقليدي فيقتبس عن أهل الأندلس منذ أن اقترح استعاله زرياب المغني على بني أمية ولو أن الأندلسيين لم يلتزموا به دائما .
وكان اللباس عند المشايخ وقادة جيش العرب أو الزناتين يلبسون زيا متشابهة ، وهو عامة طويلة خفيفة يغطيها لثام ينزل إلى الكتف وكانوا يحملون سيفأ ويتمنطقون بأحزمة للزينة أو أيام الحرب وتسمى مضات .
وكان القضاة المغاربة والكتاب يتعممون بعامة خضراء ولا يحملون سيفا . وعلى العموم فقد ساد البياض في اللباس الرسمي والأخبية فضلا عن العلم كما يذكر ذلك المنوني في مجلة البحث العلمي (ع4-5) . وقد تأثر ب اللباس المغربي لهذا العهد سكان الصحراء الكبرى وما وراءها .
كان سكان حاحا في غرب وسط المغرب يلبسون كساء من الصوف يلفون به جسمهم ، كما يسترون عورتهم بمنديل من صوف ويتعممون بعامة من نفس الثوب ، وقل أن يستعمل أحدهم قميصا لجهلهم نسج الكتان وهم لا يزرعون هذه المادة ، وأغلب النساء سافرات الوجوه ، والعزاب يحلقون لحاهم ثم يرسلونها إذا تزوجوا .
وقد كان اللباس التقليدي المغربي عند نساء عرب بني هلال قميس أسود ذا كمين عريضين يعلوه رداء من نفس الثوب يلففن به جسمهن ويندئي طرفاه على الكتفين ، وتحمل أذنا المرأة عدة أقراط من فضة ، كما يستعملن في أيديهن خواتم فضية ، وفي كعوبهن وسيقانهن أساور ، ويلتئمن بثوب مثقوب من جهة العينين وذلك في حالة ظهورهن أمام غير أقاربهن . ويلبس سكان جزولة صدرة بدون أكمام ، كما يتسلحون بخناجر معقوفة وعريضة ولكنها ماضية الحدين .
أما اللباس التقليدي عند أعيان فاس فيرتدون في الشتاء ثيابا من الملف المستورد ، ولباسهم عبارة عن معطف يلتف بالجسم مباشرة وهو ذو أكمام نصفية ، أما فوق المعطف فيلبسون جبة مخيطة من الأمام وفوقها برنس (أو سلهام كما نسميه اليوم حافظ عليه المغاربة ل قرون وهو في طريق الانقراض)، ورؤوسهم يغطونها بطاقية تلتف بها عمامة خفيفة تمر من تحت الذقن . ولا يلبسون جوارب ، أما اللباس التحتي أي السراويل فيرتدونها ، والطبقة الشعبية تلبس المعطف والسلهام من غير جبة ولا عامة غير الطاقية .
واللباس التقليدي في العصر المريني عند نساء فاس في الشتاء فساتين عريضة الأكمام مخيطة من أمام کجیب الذكور ، أما السراويل فتغطي حتى الساقين ، ثم يلتففن بازار (حائك) بغطي رأسهن وكل جسمهن ، كما تستعمل المرأة المغربية الفاسية اللثام الذي يغطي من وجوها ما سوى العينين ، ويحملن في آذانهن أقراطا كبيرة من الذهب ويتزين بالأحجار الكريمة والمصوغات كأساور الذهب - واحد في كل ساعد- وقد يزن الواحد أكثر من ثلاثمائة غرام ، والطبقة الشعبية من النساء يتخذن المصوغات من الفضة .
اللباس التقليدي في العصر السعدي
احتفظ السعديون في رسمياتهم بالبياض شعارا ، وهو تقلید تبناه المغاربة عن أهل الأندلس منذ قديم ، خلافا للدولة العباسية ذات الشعار الأسود الذي نقله عنها المرابطون ، ولا يزال كثير من سكان الصحراء حتى يومنا هذا يرتدون ثيابا - زرقاء أو سوداء .
ومن جهة أخرى فقد استعمل اللون الأزرق في السلهام حتى أصبح هذا اللون من الثياب الوطنية يستعمل إلى جانب البياض كما مر .
وعلى الرغم من أن الدولة تبنت الزي التركي ك لباس للجيش ، وأن عبد الملك المعتصم كان يرتدي اللباس على الطريقة التركية ، فإن خلفه المنصور الذهبي اتخذ لباسا خاصا أدخل فيه القفطان والمنصورية التي نسبت إليه . وصار هذا الزي يتخذه بعده السلاطين والفقهاء ، كذلك اتخذ الخاصة الحرير في اللباس ، كما كانوا يغطون رؤوسهم بطواقي حمراء أو قلانس ، وكانت نعالهم عالية .
كان اللباس التقليدي في العصر السعدي عند عامة المغاربة قميصا من الثوب مع سراويل وأردية متينة تنزل إلى أقدامهم .
أما المرأة المغربية في العصر السعدي فلها أقمصة فضفاضة تنزل إلى ما دون الركبتين ، وسراويل واسعة تنزل إلى وسط الساق . وفي الصيف ترتدي النساء فساتين من الحرير . أما في الشتاء فيتخذها من القرمز أو الملف الرقيق ، وفوق الفستان ثوب طويل من الحرير أو الصوف يلقين به على جيدهن ، ويعقدنه على الصدر بحلقات من ذهب أو فضة أو معدن آخر، كما تتخذ المرأة حلي الذهب والفضة ، والأقراط والقلائد ، وتعلق عليها الريال الإسباني ، والأساور التي قد تستعملها النساء في أرجلهن .
وكانت هناك أزياء محلية للمرأة المغربية كما هو الأمر اليوم ، وقد تحدث مصدر برتغالي عن نساء بني حسن في الغرب الشمال المغربي ، فأتي بمعلومات غريبة في الموضوع ، حيث ذكر أنهن يرتدين زي الغاليسيات (إسبانيا) ، وأن هذا الزي يرجع إلى عهد القوط، وأن سكان هذه المنطقة يعرفون عند أهل تطوان بالغاليسيين أيضا . وزعم نفس المصدر أنهن يحتفلن كل سنة بعيد مولد القديسة جان بابتيست Jean Baptiste حيث يغتسلن في البحر ويرقصن في شوارع تطوان بلباسهن المذكور . وذكر هذا المصدر أن الغاليسيين المشار إليهم لا يشاركون في الحرب ضد برتغال سبتة .
المعلومات مستقات من كتاب ابراهيم حركات - المغرب عبر التاريخ, الجزء الثالث , الطبعة الثالثة , دار الرشاد الحديثة , الدار البيضاء , 1993 . بتصرف