تحميل كتاب الأسطورة والفكر عند اليونان - دراسات في علم النفس التاريخي بصيغة pdf مجانا.
معلومات عن الكتاب
عنوان الكتاب : الأسطورة والفكر عند اليونان - دراسات في علم النفس التاريخي
صاحب الكتاب : جان بيار فرنان
ترجمة : جورج رزق
الطبعة : الأولى 2012.
مقتطف من الكتاب
"لقد حكيت اللهجة الإييونية في اليونان منذ بدايات الألف الثاني حتى الاحتلال الدوري حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ثم في آسيا الصغرى. وبعد الاحتلال الفارسي لآسيا الصغرى، في القرن السادس قبل الميلاد، انتشرت في أكثر المناطق الإغريقية: في بحر إيجه وشواطيء الهليسبوندوس (EXAntonovtoC) (الدردنيل)، وشواطىء البوندوس البحر الأسود)، وإغريقية الكبرى (جنوبي إيطاليا)، وجنوب غاليا (فرنسا)، وجنوب إسبانيا، ودلتا النيل (نافاکراتیس) والإسكندرية وشواطيء فينيقيا، خاصة بعد حملة الإسكندر الكبير على الشرق في القرن الرابع قبل الميلاد. ولم تتمكن اللهجة الدورية من اقتلاعها نهائيا من المناطق الإغريقية التي احتلها شعبها الغازي، حيث بقيت متجذرة، ثم عادت وسيطرت بعد الحروب الميذية في عصر أثينا الذهبي في القرن الخامس، قرن بيريكلييس (IIEpukan)، وفرضت نفسها بفكرها وفلسفتها وأدبها، وليس بقوة السيف كما فعل الذورییون، وأصبحت لغة أثينا الرسمية واليونان وكل البلاد الإغريقية.
وهي اللغة اليونانية الأتيكية المعروفة اليوم بالكلاسيكية التي كتب بها معظم الأدب الإغريقي اليوناني القديم. إنها اللغة التي كتب بها إسخيليس وسوفوكليس وأريستوفانيس وسقراط وأفلاطون وكسينوفون وأبقراط وأرسطو وهيرودوتوس، وقبل هؤلاء جميعا وغيرهم الشاعران الكبيران هوميروس وهيسيودوس. حتى أن اللغة الإييونية أصبحت مرادفا للغة الإغريقية.
لقد نقل الغرب المؤلفات الإغريقية إلى اللاتينية التي نقل عنها العرب بدورهم أكثر كتب الفكر والفلسفة والعلوم الإييونية. وبما أن الحرف الأول من كلمة Ionia والنسبة إليها Ionius اللاتينيتين يكتب أحيانا 1 أو 2، ويلفظ ياء عربية، تصبح كلمة "إييونية" بذلك قريبة اللفظ من "يونانية".
ومن هنا نقول إنه ربما أخذ العرب هذه التسمية من طريق الترجمات الغربية اللاتينية، أو باتصالهم البري المباشر (لأنهم لم يكونوا بحارة كالفينيقيين والفرس) مع الأغارقة، قبل الإسكندر ومعه وبعده في العصر البيزنطي، إذ بقيت مناطق عديدة من الوطن العربي تحت الاحتلال الرومي (نسبة إلى الروم، وهو الاسم الجديد الذي أطلقه أيضا من أين أتوا بهذه التسمية!) حتى الفتح العربي، حيث لاتزال بعض الآثار تشهد حتى اليوم على لغتهم وحضارتهم. ولكن لماذا لم يسم العرب يونانيا بدل يونان، وإغريقيا بدل إغريق منعا للالتباس بين المنسوب والمنسوب إليه، فهذا ما ليس لدينا إجابة عنه.
إنها مجرد وجهة نظر في هذا الخصوص، وهي احتمال يشوبه الشك دائما. فلعل المؤرخين والباحثين المختصين يأتوننا بالعلم اليقين، إن تأييدة وإن نقضأ لها، فينتفي شگنا ويزول تساؤلنا.
على كل حال، كنت أود أن أحافظ على تسمية إغريق وأغارقة، | على الأقل بالنسبة إلى الحقبة التاريخية الجاهلية التي تسبق العصر الكلاسيكي في القرن الخامس قبل الميلاد، والإبقاء على اليونان واليونانيين بالنسبة إلى الحقبة التاريخية الثانية المتحضرة الممتدة من العصر الكلاسيكي حتى أيامنا هذه، تطابقة مع التسميتين اللتين وردتا في النص الفرنسي:
la Gréce ancienne و la Grace، وخوفا أن لا يفهم بعض القراء العرب عنوان کتاب، فيشيحون بوجوههم عنه، خاصة أن كلمة "ميثة" حديثة التداول في اللغة العربية، ولكن لابد منها إذ لا يمكن لأي كلمة أخرى أن تؤدي معناها وتفي بغرضها. فهي غير الميثولوجيا التي تعني في اليونانية مجموعة الميثات لشعب أو لحضارة ما وخاصة الحضارة اليونانية. وهي غير الأسطورة وغير الخرافة.
فالميثة (le mythe) تروي أحداثة خرافية خارقة تعود إلى الأزمنة الوثنية الغابرة وأبطالها آلهة وأنصاف آلهة وهي غير مرتبطة بأي حدث تاريخي، مثل ميثة الأعراق الهيسيوذية موضوع ترجمتنا. بينما الأسطورة (la légende) تتناول أحداثا تاريخية أبطالها بشر فتطورها وتضخمها المخيلة الشعبية أو الإبداع الشعري الملحمي، مثل سيرة بني هلال أو سيرة عنترة بن شداد أو la chanson de Roland عند الفرنسيين. "