تحميل الطاعون الكبير بالمغرب 1798-1800 دراسة ديموغرافية pdf

تحميل الطاعون الكبير بالمغرب 1798-1800 دراسة ديموغرافية pdf

تحميل الطاعون الكبير بالمغرب 1798-1800 دراسة ديموغرافية pdf

معلومات عن المقال

عنوان المقال: الطاعون الكبير بالمغرب 1798-1800 دراسة ديموغرافية
صاحب المقال: إكرام شقرون
المصدر : مجلة عصور الجديدة / مجلد 10/ العدد 4/ 2020
صيغة المقال : PDF
عدد الصفحات: 13 ص



مقتطف من المقال

على أن الفئات الأكثر تضررا من جراء هذا الطاعون الجارف هي الفئات الفتية، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الضحايا في صفوف الإناث، وهو ما يؤكده جاكسون (Jackson) الذي يذهب إلى أنه "ضرب" أول من ضرب الشباب، وبعدهم النساء والأطفال، وفي المرتبة الأخيرة الناس الهزل والمستترفين وكبار السن "7" ، بل نجد أن بعض الروايات الأجنبية تذهب إلى أن هذا الطاعون الكبير أباد نصف أو ثلث السكان بالمغرب ، مما يدل على فداحة الخسائر البشرية التي خلفها وإن كانت هذه الأرقام المقدمة لا تخلو من مبالغة وتناقض، نظرا لعدم وجود دليل على مدى صحتها؛ فتبقى بذلك مجرد مقاربات إحصائية محدودة الأهمية من الناحية العلمية.


كما أن هذا الوباء كانت له انعكاسات على التركيبة الاجتماعية للسكان، من خلال خلق الفرص أمام الأحياء للإثراء السريع، وهو ما عبّر عنه جاكسون بقوله: "لقد حدث تغيير عام في توزيع الثروات وفي أوضاع وظروف الناس إذ رأينا أنّ أفرادا كانوا قبل الطاعون مجرد عمال بسطاء، أصبحوا الآن يملكون ثروات هائلة، ويربون خيولا ليسوا متمرنين على امتطاء صهواتها.... كما ارتفعت تكاليف العمل بشكل كبير، ولم تكن هناك مساواة بين بني البشر بمثل هذا الوضوح الذي أصبح عليه الحال بعد الطاعون.... حيث اضطر الأغنياء إلى قضاء أوطارهم بالاعتماد على النفس لقد أدى هذا الوباء الجارف إلى نقص كبير في اليد العاملة، وهي حقيقة جسدها الفشتالي بقوله: "وفيه عام 1799م كان الغيث الكثير، وجاءت صابة لاكن (كذا).. لا يقدر الأحياء على خدمتها لقلهم اليوم، مما أدى إلى تدهور الفلاحة بالمناطق السهلية، وفسح المجال أمام القبائل الرعوية القادمة من المناطق الجبلية والصحراوية للاستقرار بها، حيث أصبحت تلعب دور الخزان البشري لتعويض الركود الديمغرافي في السهول، وهو ما يؤكده جاكسون بقوله: بعد تراجع عدد السكان وخلو الأراضي من ملاكها، هاجرت الكثير من القبائل العربية من أماكنهم في أعماق الصحراء، واستولوا على البلاد المحاذية لوادي درعة ومناطق كثيرة في سوس".


كما تمكن السلطان مولاي سليمان من الحصول على ثروة هائلة بعد الاستيلاء على أموال وأملاك المنقطعين في هذا الوباء؛ ففي سوس وحدها كان متخلف الهالكين هاما لدرجة عجز موظفو المخزن عن جمعه حيث يذكر الزياني أن السلطان وجه "أحد كتابه للسوس، وهو السيد محمد الرهوني لجمع أموال المنقطعين فجمع منها ما قدر عليه ، مما ساهم في تقوية دعائم الدولة المغربية.


ولقد شمل الطاعون الكبير مختلف الفئات الاجتماعية الغنية والفقيرة؛ فكان الضحايا في أوساط العامة كما في أوساط الخاصة، إذ توفي إخوة السلطان مولاي سليمان الثائرين عليه، وعدد من العمال وقواد القبائل المناوئين له حيث يذهب المؤرخ محمد الكنسوسي إلى أنه بعد رجوع السلطان من مراكش إلى مكناس "بلغه موت إخوته الأربعة بالوباء، مولاي الطيب ومولانا هشام ومولانا الحسين ومولاي عبد الرحمان، الثلاثة الأوائل بمراكش والرابع بسوس، وانقطع الوباء... وظهر في الدنيا ،سرور وفاضت الخيرات بمتخلف الأموات، وذلك مصداق البركة في بقية الجوائح ، وكذلك لا تكرهوا الفتن فإنها حصاد المنافقين، ولما مات العناة والظلمة ومشاهيب البلاء وشياطين القبائل، تمهدت المملكة لمولانا سليمان؛ فلم يبق له معارض ولا منازع ، وهو ما أكده كذلك القنصل الإنجليزي ماطرا (Matra الذي ذهب إلى أن "مولاي" سليمان يتحكم الآن في البلاد بشكل مطلق؛ فأصبح من المستحيل على الأقاليم الساحلية التي فقدت ساكنتها أن تقوم بأي تمرد أو حركة عصيان ، مما ساهم في توطيد الحكم المركزي، وأدى إلى سيادة الأمن والاستقرار بالبلاد.



لكن بالمقابل أدى طاعون -1798 - 1800م إلى هلاك العديد من الشخصيات المغربية البارزة، لعل أبرزها الوزير محمد بن عثمان المكناسي الذي ترك فراغا سياسيا كبيرا استغلته الدول الأوروبية لقضاء مآربها باعتبار أنه كان له تضلع كبير في أمور السياسة الخارجية، كما يتضح من خلال شهادة طوماسي (Thomassy) التي جاء فيها: "ولكن أعظم ضياع بالنسبة إلينا وبالنسبة لمولاي سليمان هو ما منینا به موت وزيره الأول ابن عثمان ذلك السياسي الداهية الذي كان له استعداد للتفاهم قليلا ما نراه عند المسلمين". هذا بالإضافة إلى وفاة العديد من كبار العلماء والفقهاء جراء هذا الوباء الجارف؛ حيث يشير الضعيف إلى أنه "خليت المدارس ومات الجلّ من فقهاء مكناس وفاس وغيرهم.





تعليقات