التاريخ العريق للقفطان المغربي: أصل وأسرار ظهوره عبر العصور



تاريخ القفطان المغربي .. أصل القفطان المغربي  وزمن ظهوره

يُعد القفطان المغربي من روائع الثقافة والتراث المغربي، حيث ارتداه السلاطين والملوك المغاربة عبر العصور. كان القفطان رمزًا للفخامة والأناقة، وتم تكليف حرفيين ماهرين بصناعته على مراحل متعددة، تشمل تفصيل الثوب، وتحضير العقد، وخياطة السيفة، وصناعة الأحزمة، ليصبح القفطان جاهزًا بعد إضافة التفاصيل النهائية.



 أصل القفطان المغربي :

يرجع أصل القفطان المغربي إلى عصر الدولة الموحدية في القرن الـ12 ميلادي. في تلك الفترة، كان القفطان داكن اللون بأكمام قصيرة. اشتهرت مدينة فاس بصناعته، حيث كانت تضم مئات المعامل والمصانع المتخصصة في نسج الملابس. يقول الرحالة والمؤرخ ليون الإفريقي: "في فاس خمسمائة وعشرون دارا. وبالنسبة للنساجين هناك بنايات كثيرة ذات طوابق كثيرة وقاعات فسيحة مثل قاعات القصور. وتضم كل قاعة عددا كبيرا من عمال نسج الكتان."



القفطان في العصور المختلفة

العصر الموحدي

تُظهر المنمنمات الخليفة الموحدي أبو حفص عمر المرتضى مرتديًا قفطانًا مطرزًا بالسفيفة، مما يعكس الأهمية التي كان يوليها القفطان للأناقة والهيبة. كانت القفاطين تُصنع بعناية فائقة في مدينة فاس، مع الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة في التصميم والتطريز.

في حضرة الخليفة الموحدي المغربي (القرن13م) مخطوطة "لاس كانتيجاس دي سانتا ماريا" من القرن 13م، محفوظة في متحف الأسكوريال بمدريد إسبانيا.


 أسماء حاشيته من الوزراء الذين تم توثيق أسمائهم:

1. أبو محمد بن يونس 1248-1249 م

2. أبو زيد بن يعلو الكمي 1249-1266 م

3. أبو موسى بن عزوز الحنطاتي 1249 - 1266 م



 القفطان المغربي في عهد الدولتين المرينية والوطاسية:

في هذه الفترة، ارتبط القفطان المغربي بالأعراس والمناسبات. كان جزءًا من جهاز العروس، وخاصة في مدينة فاس. المؤرخ المغربي إبراهيم حركات يذكر أن العادات كانت تتطلب تقديم القفطان مع جهاز العروس، مما يُبرز أهمية القفطان في الثقافة المغربية. يقول حركات: "وتقتضي العادة أن يقدم الزوج فساتين من الحرير والكتان، ومناديل حرير، و3 قفاطين، و3 فساتين، وعدة قمصان شربل، وأغطية سرير مزخرفة، ووسائد، و8 مراتب، و4 وسائد مطرزة، وسجادة و3 أغطية سرير وأشياء أخرى."


التحول إلى الملابس النسائية (القرن الـ15)

الحسن الوزان، المعروف بليون الأفريقي، يوثق في كتابه "وصف أفريقيا" أن نساء مدينة فاس في القرن الـ15 قمن بتحويل القفطان الرجالي إلى قفطان نسائي بأكمام واسعة ومخيطة من الأمام. هذا التحول يُظهر براعة النساء المغربيات في الخياطة والحياكة. يقول ليون الأفريقي: "ولباس النساء جميل، لكن في أيام الحر ما هن إلا قميص يعقدنه في رباط لا يخلو من قبح، وفي الشتاء يلبسن الملابس ذات أكمام واسعة ومخيطة من الأمام، مثل ملابس الرجال."


 القفطان المغربي في عهد الدولة السعدية :

في عهد السلطان أحمد المنصور، اكتسب القفطان مكانة خاصة. كانت الملابس تعتمد أحيانًا على اللون الأبيض، وكانت تُصنع من الحرير أو المخمل. وابتكر السلطان المنصور نوعًا خاصًا من القفاطين يُعرف بـ"المنصورية" أو "التكشيطة". يذكر المؤرخ "محمد الصغير بن الحاج محمد بن عبد الله الإفراني" أن المنصور هو أول من اخترع هذا النوع من القفاطين وأضاف إليه فقيل: المنصورية.




 القفطان المغربي في عهد الدولة العلوية :

اهتم ملوك وسلاطين الدولة العلوية بأناقتهم، وكان القفطان جزءًا من ملابسهم الرسمية. مؤرخ الدولة العلوية، مولاي عبد الرحمن بن زيدان، يذكر أن القفاطين كانت تُحفظ في صناديق خشبية مغطاة. القفاطين العلوية كانت تُصنع من الصوف أو المخمل، مع تطريز بخيوط ذهبية وأحزمة حريرية.


القفطان المغربي في التاريخ المعاصر

مع احتلال فرنسا للجزائر في 1830، لجأ العديد من الجزائريين إلى المغرب، وخاصة تطوان. بأمر من السلطان عبد الرحمن بن هشام، تم توزيع القفاطين على اللاجئين، مما يبرز أهمية القفطان كرمز للضيافة والتكافل الاجتماعي. يُذكر في الرسائل الملكية المتبادلة بين السلطان محمد بن هشام وقائد تطوان آشاش أنه تم توزيع القفاطين على اللاجئين الجزائريين.



المصادر و المراجع


 فاس .. حاضرة الغرب الإسلامي ، https://islamonline.net/sahem/25216
 وصف إفريقيا، الحسن الوزان/ ليون الإفريقي، الصفحات 246، 247
 إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ
 ديوان قبائل سوس، 'إبراهيم بن علي الحساني، صفحة 169
 الدكتورنبيل ملين، السلطان الشريف، الفصل الثاني: شارات وريث النبي، فصل "البياض شعار استقلال سلطان بلا عرش.
 ابن فضل الله العمري، مسالك الأبصار، ص566.








تعليقات