معلومات عن الكناب
مقتطف من الكتاب
باكورة هذا الكتاب كان بحث بعنوان: الأسلحة الدفاعية "الجنن الواقية" في العصر الإسلامي (بالتطبيق على زخارف الفنون التطبيقية والعمائر)(۱)، وأثناء إعدادي لذلك البحث، وجدت ثمة اعتراض على كوني قد اعتبرت أن "الجنن الواقية من دروع وتروس تعد من باب الأسلحة شأنها في ذلك شأن السيوف والخناجر، والرماح، والقسي وما شابه ورغم أن قراءاتي حينئذ لم تجعلني أشك في صحة توجهي؛ وأدرك أنه لا لبس في ذلك عند المتخصصين في مجال الأسلحة، فوجدت أنه من المفيد توطئة الدراسة بتوضيح الأسباب التي دعتني أن أطلق لفظة الأسلحة على الدروع والتروس.
وقد اعتمدت آنذاك في معالجة هذه النقطة على ما تيسر من المصادر المتخصصة في السلاح، وأثناء معالجة البحث المنوه إليه عاليه؛ ليكون ذلك الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم، تزودت بقدر أكبر من المصادر المتخصصة في السلاح، كما اقتحمت مجالاً معرفيا جديدا يعد كنزا بلا شك في ميدان الأسلحة، وهو مجال الشعر العربي، وفي ضوء هذا وذلك وجدت مئات الإشارات التي تدعم صحة توجه كون "الجنن الواقية" من دروع وتروس تعد من الأسلحة، غير أنني لا أرى ضرورة ملحة تقتضي تزويد الكتاب بأكثر مما تطرقت إليه عند معالجتي الأولية لهذه القضية، طالما أن ما أثبته كان كافيًا وأزال أي لبس قد يستشعره البعض.
وطالما أنني قد أشرت إلى أهمية ما في الشعر العربي من معلومات ثرية عن الأسلحة، فأود التأكيد على المشتغلين في ميدان الحضارة الإسلامية، ألا يغفلوا دور هذا المجال المصدري المهم المبرز لكثير من النواحي الحضارية الإسلامية، وإذا كنت قد أدركت في إحدى دراساتي مدى أهمية الشعر العربي في تزويدنا بما ضنت به علينا المصادر الأخر، فأعتقد أن الدراسة التي بين أيدينا تؤكد هذا الأمر، ولا شك أن القراء خاصة الملمين منهم بميدان -الأسلحة - سيدركون مدى أهمية ما أقول.
وأكتفي للدلالة على أهمية ما وقفت عليه في الشعر العربي عن الأسلحة الدفاعية الدروع، والتروس أنه بينما كانت المصادر المتخصصة في الأسلحة، تكتفي بمجرد سرد الأسماء وصفات بعض هذه الأسلحة وأجزاتها، مُعَرِّفة لقليل منها في مجرد كلمة أو فقرة في أحسن الأحوال فقد كان الشعراء لا يثبتون مجرد أسماء وصفات هذه الأسلحة فحسب، بل وكانوا في أكثر الأحيان يصفونها وصفا دقيقاً، ومسهبًا، وذك بلا شك أمر سيتيح لنا مجالات معرفية مهمة عن هذه الأسلحة.
وعلاوة على ذلك، فسيلحظ القارئ أن الدراسة التي بين يديه قد أضافت إلى قائمة أسماء وصفات الأسلحة الدفاعية - المثبتة في المصادر والمراجع المتخصصة في الأسلحة عشرات من الأسماء والصفات الأخرى، والحق أن الفضل الأول في ذلك يرجع إلى ما وقفت عليه في الشعر العربي، ولكن كيف تحقق لي هذا الأمر؟
وللإجابة على هذا التساؤل ينبغي أولاً الإشارة إلى أنني كنت بادئ ذي بدئ أبحث في الشعر العربي عن مجالات معرفية أخرى تتخطى مجرد حصر لأسماء وصفات الدروع والتروس التي وردت في المصادر والمراجع المتخصصة في الأسلحة وأثناء ذلك وقفت على كثير من المصطلحات التي بعد إخضاعها للقياس مع ما ورد عن أسماء وصفات الدروع والتروس في المصادر والمراجع المتخصصة في السلاح، تبين أنها هي الأخرى أسماء وصفات للدروع والتروس وبالرجوع إلى المعاجم اللغوية اتضح أنها بالفعل أسماء وصفات للدروع والتروس.
وفي هذا المقام أجد أنه من الضروري التنويه إلى أنني استهللت تناول كل اسم أو صفة للدروع والتروس، بتعريف لها من خلال المعاجم اللغوية، وهو الأمر الذي اتبعته بالطبع مع ما وقعت عليه من أسماء وصفات جديدة استخرجتها من الشعر العربي، لذا فقد يبدو أن الفضل في إخراج هذه الأسماء والصفات الجديدة، يرجع إلى المعاجم اللغوية، والحق أن الفضل في ذلك يرجع إلى الشعر العربي فهو الذي وقفت فيه على ذاك الإسم أو تلك الصفة، وأفادتنا المعاجم في تعريفنا بها، مؤكدة صحة توجهنا.