معلومات عن مقال حول التعدد اللغوي في المغرب العربية المغربية
العنوان : حول التعدد اللغوي في المغرب العربية المغربية : العربية المغربية العنوان: وأمازيغية سوس من وجهة نظر لسانية محضة
صاحب المقال : خيري، عبدالواحد
الناشر : جامعة الحسن الثاني المحمدية - كلية الآداب والعلوم الناشر: الإنسانية
المصدر : بصمات - سلسلة جديدة
تاريخ النشر : 2009
مقتطف من مقال حول التعدد اللغوي في المغرب العربية المغربية
يندرج هذا المقال في إطار ما تعرفه الساحة اللغوية بالمغرب خاصة وبالمغرب الكبير عامة من تعدد لغوي يوحي بالتنوع والتنافر بين المكونات اللغوية لهذه المنطقة. يتميز هذا التعدد أساسا بهيمنة معطيات اللغة العربية مادة وصورة في مختلف البنيات اللغوية المتواجدة في المنطقة، كما تسيطر هذه اللغة في مختلف أسلاك المدرسة العمومية والإدارة وهي اللغة التي تستمد قوة وجودها من الدرس اللغوي القديم الذي ما زال يدرس كما هو دون أدنى تغيير أو تطوير في الشكل والمضمون ليساير ما حصل من تطور لهذه اللغة بل بالعكس فقد ازداد انغلاقا فصار يتميز وبحدة بكثير من التعقيد والارتباك بفعل ما ألحقه به الشراح المتأخرون من تفاصيل لا تنفع في تعليم اللغة واكتساب مفرداها واستعمالها بقدر ما تسبح في تخريجات ذات طابع منطقي حجاجي بين اللغويين. وهي بذلك تحيد عن المبتغى وبالإكثار من الاستدلال والبرهنة وذلك مقارنة بالأصول النحوية الأولى مثل الكتاب لسيبويه والكافية لابن الحاجب والمفصل لابن يعيش - انظر في هذا الإطار الأجرومية وشرح ابن عقيل لألفية ابن مالك وأوضح المسالك الخ .. كما يتميز هذا الوضع ببزوغ مستوى معيار للغة العربية نجده عموما في الصحافة العربية المكتوبة والمسموعة، كما تلقى به الدروس والمحاضرات في الجامعات وفي الخطب الرسمية.
ويراعي هذا المستوى بساطة الألفاظ كما يروم الاستغناء عن البنيات غير المنتجة مثل ما يعرف ببنيات التمييز والبدل والتوكيد والابتداء والاشتغال والتنازع والاستثناء بكل ما تعرفه من تعقيدات في الاستعمال اللغوي القديم ومن تفاصيل في كتب النحاة القدماء وما يميزها من تعقيد في كتب النحاة المحدثين. يضاف إلى هذين المستويين سيادة اللغة الفرنسية عند النخبة أو الأعيان والتي صارت في تنحي تفرضه هيمنة اللغة الإنجليزية نظرا لدورها البالغ في الاقتصاد المعولم، وإن كان هذا الجانب لا يهمنا كثيرا في هذا المقال، لأننا سنركز على تعدد اللغات المحلية. تعرف المنطقة قبل أن تتحدث عربيا سيادة لغات محلية تسمى الأمازيغيات. حيث نجد الأمازيغية الريفية في الشمال ونجد الأمازيغية تمازيغت في الأطلس المتوسط و الأمازيغية تشلحيت في الجنوب وخاصة في منطقة سوس. أن هذا التعدد اللغوي الأمازيغي لا يعني دائما وجود فوارق بنيوية جوهرية بين الأمازيغيات ففي كثير من الأحيان لا يتعدى الاختلاف مستوى النطق أو في مستوى أقل بعض الكلمات. وإلى جانب الأمازيغيات التي ما زالت متكلمة في المناطق التي ظهرت فيها وصعب على العربية أن تحل محلها، فإن المجال اللغوي المغربي يعرف كذلك عددا من اللغات ذات الاتصال بالعربية القديمة وهي العربيات المتكلمة في الأوساط الأسرية المغربية في الشمال والشرق والوسط والجنوب. وهي مستويات لغوية تتميز كما الأمازيغيات ببعض الاختلاف في النطف أو في بعض الألفاظ دون أن يمس ذلك عمق البنيات الصرف تركيبية.
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا الزخم اللغوي الكبير هو كالتالي: هل يعد كل مستوى لغوي مستقل تماما عن الآخر من حيث التوليد والبناء أم أن هذه اللغات جميعها تتقاسم الخصائص اللغوية نفسها أي أنها تنتمي إلى نفس العائلة اللغوية معجما وصرفا وتركيبا؟
إن للإجابة عن مثل هذا السؤال انعكاسات واقتضاءات تهم ليس فقط البناء اللغوي وتصوراتنا حول اللغة ولكن كذلك مواقفنا من البناء المجتمعي وما يمكن أن ينبني على ذلك من مواقف سياسية.
سنعالج في هذا المقال علاقة اللغة العربية القديمة بالعربيات المتكلمة في المغرب وعلاقتهما بالأمازيغيات من حيث البناء المعجمي والصرفي والتركيبي والغاية هي بيان أوجه التقابل بين هذه اللغات جميعها لبيان تجانسها أو تنافرها في مستويات البناء التي تعد أهم الجوانب التي يتم من خلالها تصنيف العائلات اللغوية وربطه بإصولها النمطية typology.