معلومات عن الكتاب :
عنوان الكتاب : اللغة العربية : تاريخها ومستوياتها وتأثيرها.
صاحب الكتاب : كيس فرستيغ.
ترجم الكتاب : محمد الشرقاوي.
عدد الصفحات : 324
عن الكتاب
يتحدث كتاب كتاب اللغة العربية : تاريخها ومستوياتها وتأثيرها . عن تطور اللغة العربية و تأثيرها في العالم العربي . وقد خصص فصل من الكتاب للتطرق لتأثير و انتشار اللغة العربية في شمال افريقيا و بلاد المغرب مبرزا أنه لا توجد منطقة أخرى في العالم العربي بها مثل هذه الفجوة الكبيرة بين مرحلتي التعريب ومرحلة الفتح.
خلال الفتوحات العربية المبكرة في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، احتلت مجموعات صغيرة من الفاتحين العرب المناطق الحضرية في شمال أفريقيا. واستقر هؤلاء الفاتحون في مدن كانت موجودة بالفعل في معظم الحالات. وفي أوقات أخرى، استقر العرب في مدن عسكرية حديثة البناء. ومن هذه المراكز الحضرية، انتشرت اللهجات العربية الحضرية المبكرة. وتعود بعض اللهجات اليهودية العربية في شمال أفريقيا، مثل لهجة يهود تونس والجزائر، إلى هذه الفترة المبكرة. وخلال تلك الفترة، ظلت غالبية الريف المغربي بربرية في لغتها. حدثت المرحلة الثانية من التعريب بعد عدة قرون خلال غزوات بني هلال في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين. عند هذه النقطة، وصلت اللغة العربية إلى الريف والمناطق البدوية في جميع أنحاء شمال أفريقيا، على الرغم من أنها لم تتمكن من إزاحة اللهجات البربرية تمامًا.
تتضمن مجموعة اللهجات المغربية اللهجة الحسانية في موريتانيا ولهجات المغرب والجزائر وتونس وليبيا، وكتب اللهجات تشير إلى اللهجات التي نشأت عن كل مرحلة من مراحل التعريب في اللهجات ما قبل الهلالية واللهجات الهلالية، وكل اللهجات ما قبل الهلالية هي لهجات حضرية يتحدث بها سكان المدن وسكان المناطق المحيطة التي تم تعريبها في مرحلة مبكرة مثل لهجة السهل التونسي والمناطق الواقعة شمال المدن المبكرة مثل قسنطينة وتلمسان وفاس. وهناك مجموعتان تقليديتان تحت مجموعة اللهجات المغربية ما قبل الهلالية:
- اللهجات الشرقية ما قبل الهلالية، والتي توجد في ليبيا وتونس وشرق الجزائر، ومن خصائص هذه اللهجات احتفاظها بالأصوات الناعمة القصيرة الثلاثة.
- مجموعة اللهجات الغربية ما قبل الهلالية، وهي لهجات توجد في غرب الجزائر والمغرب. تتميز هذه اللهجات بوجود صوتين قصيرين ناعمين فقط بالإضافة إلى وجود أداة تعريف مشتقة من الرقم العربي واحد، فتجدهم يقولون في اللهجة المغربية "امرأة واحدة" وهذه الأداة تستخدم مع أداة التعريف في بنية موازية لضمير الإشارة متبوعًا باسم.
وتمثل اللهجات البدوية في شمال أفريقيا اللهجات الهلالية، والتي تنقسم بدورها إلى لهجات سليم في الشرق في ليبيا وجنوب تونس، واللهجات الهلالية الشرقية في وسط تونس وشرق الجزائر، واللهجات الهلالية الوسطى في وسط وجنوب الجزائر، وخاصة في المناطق الصحراوية الحدودية، واللهجات الماقيل في غرب الجزائر والمغرب. واستقر فرع من الماقيل في موريتانيا، فرع بني حسن، ولذلك تسمى اللهجة الموريتانية الحسنية. ولا تستخدم اللهجات البدوية في المناطق الريفية فقط، بل لا تزال تستخدم في بعض المدن التي نشأت في مرحلة لاحقة، مثل مدينة طرابلس. تعتبر ليبيا منطقة ذات لهجات بدوية إلى حد كبير، وحتى لهجات المناطق الحضرية، مثل لهجة طرابلس، تأثرت بشكل كبير باللهجات البدوية، لكن تونس منطقة انتقالية حيث ترتبط اللهجات البدوية باللهجات الليبية. الجزائر منطقة مختلطة، حيث يوجد في منطقة قسنطينة لهجات حضرية ولهجات بدوية، وهي مرتبطة بتونس من جهة وبالجزائر من جهة أخرى. الجزائر منطقة بدوية في لهجاتها، لكنها تحتوي على منطقة لهجة حضرية مهمة وهي تلمسان. يتحدث سكان السهول في المغرب باللهجات البدوية، وينضم إليهم سكان المدن الحديثة نسبيًا مثل الدار البيضاء. أما اللهجات الحضرية، فأهم مراكزها هي الرباط وفاس. وكما رأينا سابقًا، فإن اللهجة المستخدمة في موريتانيا هي لهجة بدوية. اللهجة المستعملة في الأندلس الإسلامية أيام الحكم العربي هي لهجة تنتمي إلى مجموعة اللهجات المغربية، كما هي لهجة الجيب اللغوي العربي في مالطا. وقد كان للتقارب الطويل بين العربية والأمازيغية في شمال أفريقيا أثر ملحوظ على هذه اللهجات حتى الآن. وقد أثار موضوع تأثير الأمازيغية على لهجات المغرب نقاشات علمية كثيرة، لكن المؤكد هو وجود عدد كبير من الكلمات الأمازيغية المستعارة في هذه اللهجات. وقد وصل الاقتراض المعجمي إلى حد استعمال بعض الأوزان الاسمية الأمازيغية، وأشهرها وزن "تفعلت" الذي يستعمل للتعبير عن المهن، فتجدهم يقولون مثلا "تخبت". ولقد أخذت اللهجة الحسانية على وجه الخصوص عددا كبيرا من الكلمات الأمازيغية، كما أخذت بعض الكلمات جمعها الأمازيغي الأصلي، كما هو الحال في كلمة "أرجاز" التي تعني "رجل" وجمعها الأمازيغي "أرواجز". لقد أخذت الحسانية أصولها المذكرة والمؤنثة من الكلمات المستعارة من البربرية.