نتج عن مجموعة من العوامل والأسباب قيام الدولة العلوية في المغرب، فقد عرف المغرب قبل تأسيس الدول العلوية بوادرانهيار وتشتت بعد وفاة المنصور الذهبي .إذ برزت حركات متعددة عملت على خلق كيانات سياسية لها. وتصارعت فيما بينها على اكتساب مناطق النفوذ، واحتكار طرق التجارة الصحراوية، وكانت أهم تلك الحركات: إمارة الدلائيين وإمارة السملاليين ثم إمارة العلويين، هذه الأخيرة التي خرجت من هذا الصراع فائزة. و تمكنت من القضاء على مختلف الإمارات الأخرى . و توحيد المغرب من جديد, و تحرير المناطق المحتلة من طرف الأجانب الذي استغلوا ظروف المغرب.
ضعف و انهيار الدولة السعدية
عرف المغرب في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر مجموعة من الأوضاع والأحداث التي ساهمة في انهيار الدولة السعدية التي مهدت لبروز الدولة العلوية، يمكن أن نلخصها في مايأتي:
صراع أبناء السلطان أحمد المنصور على الحكم:
بعد وفاة المنصور تنازع أبناءه على الحكم، مما أدى إلى انقسام المغرب إلى دولتين، دولة في فاس يحكمها المأمون، ثم دولة في مراكش ويحكمها زيدان.
فيما توزعت باقي المناطق بين الزوايا، كالزاوية الدلائية، هذه الأخيرة التي حاولت توحيد المغرب تحت لوائها، حيث حاربت المجاهد العياشي وتغلبت عليه، والزاوية السملالية والتي باشرت النشاط السياسي بعد ضعف الدولة السعدية، كما كان لها نفوذ اقتصادي بسوس. بالإضافة إلى المجاهد العياشي والذي عمل على توجيه المجاهدين لمقاومة الاحتلال الإسباني في كلا من المعمورة والعرائش وطنجة. اضافة الى ثورة ابن ابي محلي التي تكبدت فيها الدولة السعدية خسائر كبيرة
نتيجة لهذه الأوضاع السالفة الذكر تدهور الاقتصاد المغربي بفعل تضرر صناعة السكر وانخفاض مداخل التجارة الصحراوية، كما عانى المغرب من تعاقب فترات الجفاف، وانتشار المجاعات والأوبئة.
ظروف قيام الدولة العلوية
مهدت الظروف التي كان يعيشها المغرب في النصف الأول من القرن17م، حيث توالت عليه سنوات من المجاعات والأوبئة وتصدع سلطة السعديين المركزية إلى قيام حركة العلويين.
نسب العلويين:
ينتسب العلويين إلى علي بن أبي طالب، حيث قدم جدهم الأول الحسن بن القاسم المعروف بالحسن الداخل من بلدة ينبوع بالحجاز إلى المغرب في القرن7 الهجري الموافق للقرن13 الميلادي، واستقر هو وذريته من بعده في سجلماسة بتافلالت، وقد أكسبهم نسبهم الشريف بهذه المنطقة تقديرا واحتراما كبيرين.
كما استفادو من الأهمية التجارية لسجلماسة، باعتبارها أصبحت من الطرق الرئيسية للتجارة الصحراوية، وخاصة بعد تقلص نشاط الخط الرابط بين تنبكتو ومراكش في القرن17م.
تطلع العلويين الى السلطة:
نتيجة لهذه التحولات السابقة الذكر، احتد الصراع بين الزعامات المحلية حول الطرق التجارية المهمة، وخاصة تافلالت المعبر الرئيسي بين توات وفاس، وأخذت هذه الزعامات تتحول إلى قوى سياسية طامعة في الحكم وتوسيع النفوذ، وقد تأكد هذا التطلع بالنسبة للسملاليين مع ابي حسون سنة 1628، بينما ارتبط الطموح السياسي للدلائيين بتولي محمد الحاج في سنة 1637م.
رغم هذه الصعوبات التي واجهها العلويون ضد السملاليين والدلائيين، نجح العلويون في القضاء على خصومهم، وإخضاع المغرب عسكريا، حيث تمكن الرشيد من توحيد المغرب بقضائه على كل الزعامات المتواجدة آنذاك.
حركات إبراهيم، المغرب عبر التاريخ، الجزء الثالث، نشر وتوزيع دار الرشاد الحديثة، الطبعة الثانية 1994.
الإفراني محمد الصغير، نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي، الطبعة الأولى – سنة 1419 هـ / 1998م